ص205 - كتاب شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل ط عطاءات العلم - أقوال المفسرين في آية وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه - المكتبة الشاملة
سائر الأبدان إلى الأعناق، كما أضافوا جنايات أعضاء الأبدان إلى اليد، فقالوا: ذلك بما كسبت يداه، وإن كان الذي جرَّ عليه لسانه أو فرجه، فكذلك قوله:{أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ}" (١).
وقال الفراء: "الطائر معناه عندهم: العمل" (٢).
قال الأزهري: "والأصل في هذا: أنَّ الله سبحانه لما خلق آدم علم المطيعَ من ذريته والعاصي، فكتب ما علمه منهم أجمعين، وقضى بسعادة من علمه مطيعًا، وشقاوة من علمه عاصيًا، فطار لكل ما هو صائر إليه عند خلقه وإنشائه" (٣).
وأما قوله: "في عنقه" فقال أبو إسحاق: "إنّما يقال للشيء اللازم: هذا في عنق فلان، أي: لزومه له كلزوم القلادة من بين ما يلبس في العنق" (٤).
قال أبو علي: "هذا مثل قولهم: طوّقْتُك كذا، وقلّدْتُك كذا، أي: صرفته نحوك وألزمتك إيّاه، ومنه: قلّده السلطان كذا، أي: صارت الولاية في لزومها له في موضع القلادة، ومكان الطوق" (٥).
وقيل: إنما خص العنق؛ لأن عمله لا يخلو إما أن يكون خيرًا أو شرًّا،