طبريا: صور نادرة، خرائط وأخبار من الصحف
بُنيت مدينة طبريا أو طبرية على شاطئ بحيرة طبريّا في الجليل الشّرقي. وهي من أقدم الحواضر وأعرقها تاريخًا في البلاد. إذ بنيت للمرّة الأولى في أوائل العقد الثّالث بعد ميلاد السّيد المسيح على يد الإمبراطور اليونانيّ هيرودس أنتيباس، وقد سمّاها طبريّا إكرامًا للإمبراطور الرّومانيّ تيبريوس الأوّل.
رغم الزّلازل والكوارث العديدة الّتي حلّت بالمدينة، بقيت طبريا مأهولة بالسّكان ومزارًا للزوّار على دوام الحقب التّاريخيّة الّتي تلت تأسيسها وإلى اليوم. وذلك لوفرة المياه المعدنيّة بها وخصوبة تربتها واستواء الأرض الّتي بنيت عليها. ممّا يسهّل العمران والاستقرار بها، بالإضافة إلى جمال الطّبيعة الّتي تحيط بها وهدوئها، تعتبر مدينة طبريا إحدى المدن المقدّسة في الديّانة اليهوديّة إلى جانب القدس وصفد والخليل، ومياه نبوعها السّاخنة الّتي استخدمت قديمًا للشفاء من الأمراض والتبرّك بها، وبقيت مزارًا للاستجمام حتّى يومنا هذا.
ارتبطت بالمدينة قداسة مسيحيّة كذلك، إذ يعتقد أن منطقة طبريّا هي المكان الّذي انطلقت منه دعوة السّيد المسيح مع تلاميذه الأوائل، وأنه على ضفاف بحيرتها أدّى بعض معجزاته المذكورة في العهد الجديد كالمشي على الماء، إحياء الموتى، شفاء المرضى، ردّ البصر والسّمع، ومعجزة الخبز والسّمك حين شبع آلاف الرّجال من خمسة أرغفة وسمكتين. وقد ظهرت هذه المكانة الخاصّة الّتي حظيت فيها طبريا في الإيمان المسيحي حين أصبحت الدّيانة المسيحيّة ديانة الإمبراطورية البيزنطية بشكل رسميّ.
وصلت الفتوحات الإسلاميّة إلى مدينة طبريّا عام 634 ميلادية، وفي العقود التّالية حظيت المدينة بتعدّدية دينيّة أخذت بالازدهار حتى وصلت أوجها في القرنين الثّامن والتّاسع، إذ عاشت في المدينة جالية يهوديّة إلى جانب أبناء الطّوائف المسيحيّة والإسلاميّة، ونشطت في تدوين أدبيات يهوديّة قديمة كانت متداولة شفهيًا إلى حينها. كما شهدت المدينة في هذه القرون تطوّرًا عمرانيًا وصفه كلّ من المقدّسي وناصري خسرو وغيرهم من رحّالة العصور الوسطى الّذين زاروا طبريّا.
يعلو ذكر طبريا في التّاريخ الصّليبيّ كذلك، فقد وقعت المدينة تحت حكم الصّليبيّين ما بين القرنين الحادي عشر ومنتصف القرن الثّالث عشر وهي الحقبة التي وقعت بها معركة حطين الشّهيرة بالقرب من طبريا. أمّا في الفترة العثمانيّة، فقد استمرّت طبريا بكونها حاضرة متعدّدة الثّقافات ومزارًا هامّا للتطبّب بحمّاماتها المعدنيّة السّاخنة. وكان من أبرز حكامها والي صيدا ظاهر العمر الزّيداني الّذي بنى بها جامعه "الزيدانيّ" والّذي ما زال موجودًا في مدينة طبريّا المعاصرة.
إبّان الانتداب البريطاني، سكنت المدينة أغلبية يهوديّة وشملت بعض الأحياء العربيّة، وتمتدّ مساحة طبريّا اليوم لأكثر من عشرة آلاف كيلومترًا ويسكنها أكثر من أربعين ألف نسمة من السكان اليهود، وما زالت بقايا الحقب الرومانية والبيزنطية والإسلامية
حاضرة بها وتشهد على تاريخها البعيد وتعدّديته.
نعرض لكم في هذه البوابة مجموعة من الصور القديمة والمعاصرة بالإضافة إلى بعض الخرائط الرقمية والمتاحة للاستخدام الشخصي، وحين الحديث عن المدن التاريخية لا بد من نبذة حول أخبارها في الصحف الفلسطينية القديمة.